منطقة بالك والمعروفة بـ(باله كايه تي) منطقة نائية من محافظة اربيل عاصمة اقليم كوردستان العراق وتقع عند الحدود المحاذية لايران ، قبل فترة كلفت بواجب وظيفي يقتضي مني البقاء بحدود ثلاثة اسابيع هناك وهي الزيارة الاولى لهذه الربوع الخلابة والجذابة ، وقد ابهرني روعة وجمال الطبيعة الخلابة والمنعشة (انا القادم من لفحة الصيف) وتصورت حينها باني في حلم جميل ولذيذ . منطقة بالك رقعة مهمة في جغرافية اربيل وكوردستان من خلال السلاسل الجبلية العملاقة وتدفق المياه الطبيعية في وديانها وانتشار البساتين ومختلف الأشجار والفواكه بمتناول اليد اينما كنت ومن دون رقيب او حسيب ، الأجواء والمنعطفات تبهرك وسط جو منعش وبارد نسبيا في بعض المناطق ، وقد كانت في سنوات النضال قبل نصف قرن معقلا للأسود (الثوار) ومن منا لا يتذكر ايام المفاوضات بين قيادة الحركة التحررية الكوردية بزعامة القائد مصطفى البارزاني والحكومة العراقية مطلع السبعينيات وتمخضت عن اتفاقية اذار التاريخية ...
يومها أقرت الحكومة العراقية ولاول مرة بحق كوردستان العراق في الحكم الذاتي وفي تلك الحقبة كانت منطقة بالك المقر الرئيسي للقيادة الكوردستانية وجرى جانب من هذه المفاوضات في ربوع هذه المنطقة (قضاء جومان) تتبعه اربع نواحي (كلاله ، قصري ، حاج عمران وسيميلان) مع مجموعة من الوديان المهمة ومرتفعات شاهقة من بينها اعلى قمة في العراق (قمة هلكورد) قضاء جومان مركز بالك يبعد عن مدينة اربيل 180 كم ، تحد هذه المنطقة شرقا الحدود الايرانية وغربا قضاء سوران ومن الشمال منطقة برادوست وناحية سيدكان وجنوبا منطقة بشدر من محافظة السليمانية وفيها جبال تعلو سطح البحر ما بين 1500- 3607 م وكلمة بالك مشتقة من (بالا) وتعني مرتفع و(كيو) وتعني الجبل أي الجبل العالي او المرتفع وتعود التسمية لوجود مرتفعات عدة في هذه المنطقة مثل جبل هلكورد القريب من جومان وبلغ ارتفاعه (3607)م عن مستوى سطح البحر . وهناك جبال اخرى مثل سكران وشيخ ناصر وحصاروست وكردمند ومامه روت وغيرها . يبلغ عدد قرى هذه المنطقة (16) قرية ويبلغ تعداد سكانها بحدود (130)الف نسمة . في هذه المنطقة تم تأسيس اول مدرسة سنة 1932، وتشكلت مديرية للتربية في مركز قضاء جومان سنة 2000 وفيها بحدود (97) مدرسة ابتدائية وثانوية ومن المؤمل فتح معاهد تعليمية فيها في السنة الدراسية الجديدة ويبلغ عدد طلاب المنطقة بحدود 7400طالب وعدد المعلمين والمدرسين حوالي (640) معلماً ومدرساً . وتوجد في المنطقة اماكن سياحية رائعة مثل دولي سكران وقيماسان وحاجي عمران ، ففي هذه المناطق لا تتجاوز درجات الحرارة حدود 40 درجة وعلى مدار العام وهي منطقة مرتفعة كثيرة البساتين والمياه . وفي موسم الشتاء تسقط فيها الامطار والثلوج بغزارة ونسبة سقوط الأمطار لا تقل في كل الأحوال عن 2500 ملم سنويا وسقوط الثلج يتكرر في هذه المنطقة وتحديدا في مرتفعات سكران وتكون عادة مقصداً للزوار الأجانب نظرا للمناظر الخلابة حيث تبقى المرتفعات بيضاء اللون لأطول فترة وعندما تغادر اربيل باتجاه هذه المنطقة فانك تمر بمصيف صلاح الدين ثم منطقة كوري مرورا بقضاء شقلاوة ثم ببلدة حرير ومن ثم تمر ببلدات اخرى مثل باتاس ، خليفان ، كلي علي بك ، ثم الوصول الى قضاء سوران ، وهي مدينة كبيرة ومن مدينة سوران وباتجاه جومان مركز منطقة بالك تمر بمحاذاة جنديان ثم تصل منطقة فيها خطان احدهما يسير باتجاه الشمال ونقصد مركز ناحية سيميلان ودولي روست وهي مناطق رائعة الجمال وفيها مناظر خلابة ومثيرة , والطريق الآخر يتجه نحو اليمين قليلا وتصل الى مركز ناحية قصري ثم تتجه نحو كلاله على يسار الطريق في واد جذاب ثم تتجه شمالا لتصل الى منطقة ناوبردان , وناوبردان تعني (بين الجسور) وهي منطقة رائعة ومثيرة للناظرين وفيها عدد محدود من البيوت لعائلات عريقة تمتاز بالكرم والاخلاق الحميدة في استقبال الضيوف ومن دون منة وفيها مياه كثيرة جارية تحدث جوا مفعما بالانتعاش والبهجة وبالمناسبة الكهرباء موجودة في ناوبردان على مدار الساعة دون انقطاع وتعتمد على جريان المياه النازلة بقوة من الوديان والجبال وتم انشاء بعض المنتجعات السياحية الخاصة ولا أجمل منها . والزائر لا يتمنى الرجوع منها وبجوار هذه المنطقة وعلى بعد قريب تقع مدينة جومان مركز قضاء منطقة بالك وهي مدينة ولدت من رحم جبل ويأخذك النظر بهذه الطبيعة الجميلة الخلابة ولكن ما يثير الدهشة والتساؤل ندرة وجود المطاعم والفنادق في هذا القضاء وكذلك في النواحي الاربع . وعندما تسأل عن سبب هذه الحالة يأتيك الجواب تلقائيا لسنا بحاجة للمطاعم او الفنادق فبيوتنا مفتوحة للزوار ومن هنا اشيد بهذه الروحية وفعلاً كنا ضيوفا معززين لديهم طيلة مكوثنا في هذه الديار ولكن يبقى التساؤل الصريح : متى تمتد يد الأعمار والبناء لهذا الجزء الحيوي والمهم من كوردستان ؟ ألم يات وقت رد الدين لابناء هذه المنطقة يوم قدموا الغالي والرخيص لمختلف الانتفاضات والثورات المتعاقبة ؟ ألم تكن هذه المنطقة مقرا لقائد الثورات الكوردية مصطفى البارزاني قبل نصف قرن وحتى الانتفاضة الربيعية ؟ لا اعتقد بان هنالك مناضلاً وثورياً لم يلمس ما قدمه ابناء منطقة بالك للبيشمركة ومن دون منة نحن نعتقد بان يد العمران قد امتدت الى هذه المنطقة وتحديداً بعد عام 2003 ولكن لم تكن بالمستوى المطلوب ومن هنا نذكر المعنيين ونلفت أنظار الحكومة الى ضرورة اخذ حاجة المواطنين وطبيعتهم الجذابة والرائعة بنظر الاعتبار . ومن خلال التداول والاختلاط يتبين لنا بان جمال طبيعة هذه المنطقة ناهيك عن هوائها المنعش وجوها المعتدل تتفوق على مثيلاتها في تركيا وايران ولبنان وغيرها ولكن تنقصها المرافق السياحية والخدمات والطرقات الجيدة وكذلك المدارس والابنية الحكومية والمستشفيات والمرافق السياحية العصرية وبناء الشقق السكنية وتشجيع السياحة من خلال توفير وسائل النقل والمواصلات ، من اجل تطوير هذه المناطق لتكون مستقبلا مقصداً للزوار داخليا ومن خارج العراق أيضا ومن هنا نذكر المعنيين بالأمر الى ضرورة جذب رؤوس الأموال الداخلية والخارجية الى هذه المناطق واعادة بناء المرافق السياحية وتحديث الطرق والمواصلات وتقديم الخدمات الى الزائرين ونحن على ثقة من امكانيات حكومة اقليم كوردستان للنهوض بهذه المنطقة لسببين اولهما اعادة الاعتبار لهذه المنطقة الأصيلة والثاني من اجل انعاش اقتصاد كوردستان والعراق لتكون كوردستان مركزا سياحيا دوليا بعد ان أصبحت منطقة مستقرة وآمنة ..
