ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في مقابلتها مع عالم الآثار الاميركي رالف سوليكي الذي يبلغ الآن من العمر 95 عاما استذكارا لاستكشافه لأول هيكل عظمي لإنسان النياندرتال في ما يسمى بكهف شاندر ربيع عام 1957 في إقليم كردستان .
يقول سوليكي " إن علم الآثار يستهلك الكثير من الوقت والكثير من الجهد العلمي لذا حينما تجد بقايا لأماكن سكانية يعود تاريخها إلى 40 ألف عام تبدأ بتخيل ما كانت عليه الحياة في ذلك الوقت وكيف يمكن لأي شخص أن يعيش طويلا". مضيفا "كان إنسان النياندرتال سلالة من البشر العاقل انقرضت قبل 30 ألف عام. البشر البدائيون كانوا يميلوا إلى كونهم اقصر وأضخم من الإنسان الحديث وكانت وجهوهم الجبين فيها منخفضا وأنوفهم واسعة وذقونهم اقل وضوحا لكنهم كانوا متوحشون وبالكاد يشبهون أفلام الرسوم المتحركة.
ويتابع العالم رالف سوليكي "في عام 1950 كنت طالبا في الدراسات العليا لجامعة كولومبيا وكجزء من أطروحتي بدأت في استكشاف كهوف في منطقة الشرق الأوسط بحثا عن موقع حفر مثالي وحينما وصلت إلى وادي الزاب في العراق عام 1950 اقترح علي السكان المحليين أن أسير لمدة ساعة للوصول إلى كهف شاندر وكان الكهف من الداخل يشبه منزلا لأسرة واحدة بمساحة 3000 قدم مربع مع سقف بارتفاع 20 قدما ولكن كان علي أولا أن أتأكد وفي عام 1951 قمت باختبار التربة عما إذا كانت تحتوي على ودائع أثرية وقد كانت كذلك".
ويواصل العالم بالقول "عام 1952 واصلت الاختبار وبدأت بحفر حفرة صغيرة بعمق 45 قدما للوصول إلى الحجر الأساس وغربلة التربة لكنني اضطررت إلى تأجيل خطط التنقيب حتى عام 1953 لإكمال دراستي العليا وتزوجت عام 1955 وحينما سافرت إلى العراق في خريف عام 1956 مع زوجتي عالمة الآثار روز وبدأنا العمل في كهف شاندر بدأت روز الحفر على ضفة الوادي الذي يعود تاريخه إلى 10 الآلاف سنة وخلال ذلك الوقت عشنا في بناية من الحجر والطابوق المحلية كانت ثكنة للشرطة وكنا ننام على أسرة جلبناها معنا ونغطي أنفسنا بأكياس النوم كان لدينا طعام لكنه كان بسيطا لا يتجاوز الباميا المجففة والمخللات والجبن واللحوم المعلبة.
حينما كنا نذهب إلى موقع الحفر كان كهف شاندر ذا إمكانيات هائلة فقد كان هناك مصدر قريب للمياه والكهف تواجه جهة الجنوب الشرقي لذا حينما تشرق الشمس كان جو الكهف يصبح دافئا لذا إذا كانت هناك بقايا مدفونه ستبقى على الأرجح سليمة لأنها محمية منذ الآلاف السنين من الأمطار والثلوج. لقد استأجرت مجموعة من العمال المحللين من 30 شخصا وكنا في موقع الحفر من الساعة السابعة صباحا حتى الثالثة عصرا وحفرنا حفرة من 10 إلى 20 قدم في وسط الكهف بعد اقل من قدمين عمقا وجدنا كسر الفخار والأنابيب الفخارية والأدوات الحديدية وحينما تعمقنا أكثر وجدنا الحجر والأدوات المصنوعة من العظام. في ربيع عام 1957 وصلنا إلى الحجر الأساس وبدأنا بعناية بتنظيف الجدران الداخلية من ثقوب الحفر وقمنا بفحص طبقات التربة لنرى كيف تغيرت بمرور الوقت حينما رصدنا أول جمجمة لإنسان بدائي تخرج من التربة وكان هذا اكتشافا كبيرا لأنه لم يكن قد تم اكتشاف بقايا إنسان النايدرتال في هذه المنطقة وقمت بإخراجها بعناية كي لا تتهشم ثم قمنا بإرسالها إلى باريس وهي مغطاة بالخيش والجص كي لا تتهشم وبدأنا الحفر أسفلها لنعثر على هيكل عظمي كامل.
كان ما وجدناه هو هيكل عظمي لذكر بالغ كان فاقدا لذراعه اليمنى تحت الكوع وكانت أسنانه الأمامية البالية تدل على انه كان يستخدمها لتحل محل يده المفقودة . لقد أطلقت عليه تسمية " ناندي" وهو قصير قياسا لإنسان للنياندرتال. ناندي عاش لحوالي 40 عاما وهي تعادل حوالي 80 عاما من سنواتنا الحالية . العيش لفترة طويلة كان أمرا ملحوظا لكن الشيخوخة والعجز لمثل الشخص تدل على انه كان عضوا مهما في المجتمع البدائي لأنهم قاموا بالاعتناء به وربما كان نائما في الكهف حينما ضربت هزة أرضية وأدت إلى مصرعه مدفونا تحت الصخور.
في النهاية وجدنا هيكلا آخر لإنسان النياندرتال في نفس المنطقة تم دفنه من قبل البشر البدائيين وبقايا لذكر ثالث تم قتله على ما يبدو من قبل منافسه الإنسان الحديث حينما بدأ بالظهور وحينما عدنا إلى العراق عام 1960 وجدنا نيادرتال رابع مع آثار من حبوب اللقاح مما يعني انه تم دفنه مع الزهور. في الوقت الحالي هياكل إنسان النايدرتال الأربعة موجودة في المتحف العراقي في بغداد ومن خلال الحفريات توصلنا إلى أن منطقة النياندرتال كانت مسكونة وكانوا يعتنون بجرحاهم وبكبار السن وكانوا يدفنون موتاهم وكانوا يستخدمون النار للطبخ وغيرها من الأنشطة الاجتماعية وفي النهاية كان إنسان النايدرتال في العراق قد قاموا بعمل جيد لأنفسهم على الرغم من أنه لم تكن هناك ملابس أو مخازن للأحذية أو حمامات ساخنة أو أنظمة تدفئة . الحياة كانت صعبة قبل 40 ألف عام جعلت من الصعب بالنسبة لنا أنا وروز أن نشكو الكثير من أماكن الإقامة العراقية هناك.
[/size][/color]